التحول الرقمي Digital Transformation في المؤسسة المفهوم و التطبيق – الأثر٢

التطبيق و الأثر؛ المؤسسة الأكاديمية

كاتب المقال:

أ.د. محمد باسل عمارة

أستاذ تحليل و ميكانيكا الإنشاءات

رئيس قسم الهندسة المدنية (الأسبق)

وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع و تنمية البيئة

كلية الهندسة (المطرية) – جامعة حلوان

بريد إلكتروني: Prof.dr.basil.emara@m-eng.helwan.edu.eg

Facebook: Basil Emara

تناولت في مقالي الأخير بتاريخ ٢٠٢١/١/١٦ مفهوم التحول الرقمي و عناصره و الأسس اللازم توافرها لنجاح تطبيقه بصورة عامة في المؤسسات.. و كما سبق و ذكرت، فإن العناصر الأساسية الواجب توافرها في المؤسسات لتحقيق و إنجاز التحول الرقمي هي:

                1.            الإدارة الفاعلة،

                2.            المرونة في العمل و التشغيل،

                3.            خبرة متلقي الخدمة،

                4.            الثقافة المجتمعية،

                5.            تمكين القوة العاملة و تطوير أداءها بالتدريب،

                6.            دمج التكنولوچيا الرقمية في المؤسسة…

و أتناول هنا أمثلة لطرق التطبيق في مؤسسة أكاديمية في بعض قطاعاتها، و الأثر المتوقع نتيجة نجاح التطبيق.. و لكن في البداية، لزم توضيح أن التطوير هو سنة التطور في الحياة، و التطوير المستمر هو الضمانة الوحيدة للإستمرارية و التنافسية و من هذا المنطلق، وجب التحرك نحو التحول الرقمي في المؤسسات لضمان الإستمرارية و التنافسية..

فإذا فرضنا أن السلطة المختصة في مؤسسة ما قد إختارت “إدارة فاعلة” لتحقيق التحول الرقمي، فالحقيقة أن “المرونة في العمل و التشغيل” هي مفتاح النجاح الحقيقي أو الفشل في تحويل المؤسسات رقمياً لأنها قد تتطلب تحولاً جذرياً في قبول و تفعيل التغيير و التحول بأدواتهما و قد يتطلب ذلك تغييراً لائحياً لبعض الأنظمة الإدارية التي تحكم العمل في المؤسسة الأكاديمية.. فما هي المعوقات الرئيسية ؟؟ و كيف يكون التحول فعلياً ؟؟ أعطي فيما يلي بعض “النماذج” لما يمكن ان يكون عليه التحول في مؤسسة أكاديمية:

                1.            المستندات و الرسائل:

فإن تبادل الرسائل و المستندات إلكترونياً عن طريق البريد الإلكتروني أو منصات التواصل الإجتماعي بدلاً من تداولها يدوياً عن طريق السكرتاريات و البريد بأشكاله و كذلك تخزينها، هو صورة من أهم صور التحول الرقمي في المؤسسة.. فهو يؤدي إلى وفر كبير في الوقت (أي سرعة التنفيذ) و في النفقات (الكتابة و الإرسال و الإستلام) و في التخزين و الحفظ و توفير كبير في إستهلاك الطاقة (الكهرباء و الوقود) و إستهلاك المعدات و مجهود الأفراد و أيضاً حماية و وقاية للأفراد من العدوى في زمن الأوبئة كما وضح في أزمة كوڤيد-١٩ الحالية.. و هو أيضاً يوفر القدرة على الإرسال والتواصل مع عدد غير  محدود من الأفراد في نفس اللحظة، سواءاً داخل أو خارج الدولة الواحدة و ذلك مقارنة بأنظمة البريد و التليفون و الفاكس و التليكس القديمة …

و لكن، قد يتطلب ذلك تغييراً لائحياً لقبول هذا كوسيلة معتمدة لتبادل الرسائل و المستندات…

                2.            الإجتماعات و المحاضرات:

فإن الدعوة للإجتماعات و/ أو المحاضرات تتم “فورياً” بمعني؛ أستطيع أن “أجدول” أو أن أعقد في خلال ٥ دقائق إجتماعاً طارئاً..!! بدلاً من دعوات مكتوبة و موزعة بالبريد أو جداول معلقة على حوائط !! فماذا عن إنعقاد الإجتماع نفسه أو المحاضرة ؟؟ يمكن عقدها، كما أنجزنا فعلياً خلال العام المنقضي، عن بعد remotely باستخدام المنصات المتخصصة لعدد يقارب المئات و تكون أيضاً مسجلة و تضمن عدم الإختلاط في زمن الأوبئة بجانب الميزات المعتادة من توفير مجهود و وسائل الإنتفال و الطاقة إلخ…

                3.            المعامل الإفتراضية:

و هذا متطلب ضروري في الكليات العملية.. و يمكن إنجازه بإستخدام  الڤيديوهات مع دمجها مع “الحقيقة التخيلية” Virtual Reality  و هو ما يتم تطبيقه فعلاً في مؤسسات أبحاث الكيمياء الحيوية Biochemistry و صناعة الفضاء Space Industry على سبيل المثال لا الحصر.. و يمكن تطبيقه بمنتهى السهولة في المعامل الهندسية و كليات العلوم و الحاسب الآلي للتدريس العملي عن بعد…

                4.            خدمات الطلاب:

كما تمرسنا خلال السنوات العشر الأخيرة على طلب إستخراج بطاقة الرقم القومي و الرخص باختلاف أنواعها و جوازات السفر و ڤيزات السفر إلخ.. إلكترونياً عن طريق الإنترنت، يمكن أيضاً توفير خدمة إستخراج المحررات و الشهادات إلخ.. للطلاب و الخريجين عن طريق الموقع الإلكتروني للكليات مع دمجه في شبكة الجامعة.. بل أن الكارنيهات الممغنطة لدخول الطلاب يمكن دمجها إلكترونياً على شبكة الجامعة لتصبح قاعدة معلوماتية متوفرة على بوابات جميع الكليات…

                5.            المشتريات و المخازن:

برامج متخصصة، و هي متوفرة فعلاً، تربط مخازن الكليات و الجامعة ببعضها البعض فيصبح المخزون الفرعي معروفاً مركزياً و العكس… و كذا المنصرف و الهالك… و هذا يحقق كفاءة في العمل من الناحية الكمية و النوعية و اللوچيستية و كذلك يفيد في تقييم رأس المال المستثمر و الميزانيات السنوية…

أكتفي بهذا القدر من الأمثلة و أختتم مقالي بأبرز المعوقات التي يجب على السلطة المختصة إزالتها:

أ. معوقات إدارية: معالجة الهيكل الإداري لضمان عدم تضارب الإختصاصات مع اللجنة العليا لإدارة التحول الرقمي مع ضمان “تنفيذ” قرارات اللجنة العليا..

ب. معوقات لائحية: قد يتطلب الأمر بعض التغييرات اللائحية كما سبق ذكره..

ج. معوقات تنفيذية: و منها عدم تعاون بعض الوحدات و الإدارات الفرعية مع اللجنة العليا سواءاً كان ذلك بسبب عدم الرغبة في التطوير أو بسبب عدم الإلمام بمتطلبات و مقومات التحول أو لبعد المسافة أو لأسباب لوچيستية..

د. معوقات إقتصادية: يجب ضمان تدفق رأس المال و المخصصات المالية لتحقيق التحول و خاصة في مرحلة بداية المشروع..

ه. معوقات مجتمعية: تتمثل في عدم دراية بعض الأفراد بماهية و أهمية التحول الرقمي و يتطلب ذلك الدعاية المستمرة  لتوضيح أهمية التحول الرقمي و فوائده الكبيرة على المؤسسة و الأفراد و كذا ضمان التدريب المستمر للأفراد لمجابهة التطورات التكنولوچية السريعة في مجالات تكنولوچيا المعلومات و التحولات الرقمية…

وفقنا الله جميعاً لما فيه خير بلدنا الحبيب مصر و شعبها العظيم، و حفظنا الله جميعاً من شر الأمراض و الأوبئة…

AR